رولا اللحام – دارمو – دمشق:
تناولت بعض الأعمال الفنية العربية والسورية قصص المثلية الجنسية، علناً أو ترميزاً، بسطحية أو بواقعية، سواء أكان ذلك بهدف الاستعراض وجذب المتابعين، أو لخدمة الدراما.
وعرضت السينما والدراما العربية والسورية نماذج متعددة لمثليين أو مثليات الجنس وبطرق مختلفة لكن، هل استطاعت الدراما عرض شخصية المثلي بشكل واضح وصريح وبطريقة تحاول فيها معالجة حالته أو التعايش معها دون النبذ والاستهزاء والتجريح، بل ومحاولة إيجاد حلول لمواجهة المجتمع والتماهي فيه على أنه إنسان ذو ميول خاصة؟
“حمّام الملاطيلي”
منذ ستينيات القرن الماضي، قدّمت السينما المصرية شخصيات مثلية في أفلامها، ضمن خطوط رئيسية أو فرعية، استطاعت تشريح ما يحدث في المجتمع المصري، كفيلم “حمام الملاطيلي” الذي عُرض عام 1973، شخصية رسّام مثلي الجنس، لعب دوره الفنان يوسف شعبان، ويعيش في حمّام شعبي ليهرب من واقعه، ملمّحاً إلى أنه ضحية تربية والدته، وحبها الزائد له.
وعليه، جاءت المعالجة خجولة، وغير مستندة إلى أسس علمية ومنطقية، وكأن دلال الأسرة يخلق المثلية الجنسية عند الأبناء، “بحسب مراقبين”.
“عمارة يعقوبيان”
على عكس ما قدّمه فيلم “عمارة يعقوبيان”، عام 2006، من نموذج واقعي، من خلال شخصية الصحافي حاتم رشيد “خالد الصاوي”، الذي كان إنساناً ناجحاً لائقاً يتعرّف إلى رجل قادم من الصعيد “باسم سمرة”، ويحاول إغراءه بالمال، حتى ينتهي الأمر به إلى أن يموت على يد شاب أقام معه علاقةً وهميةً، بغرض قتله، وسرقة أمواله.
“حين مسرّة”
وقدّم فيلم “حين ميسرة”، عام 2007، شخصية ناهد “سمية الخشاب”، التي تتعرض للاغتصاب والحمل غير الشرعي، ومن ثم تجد قوّادة مثليةً “غادة عبد الرازق”، تحاول استغلالها، والتحرش بها، حتى تجنّدها للعمل كراقصة في الكباريه وإلى وعاء لإفراغ شهوات الزبائن.
فيلم “قط على نار”
ويحكي فيلم “قط على نار”، عام 1977، قصة أمين “نور الشريف”، وهو شاب يعيش مع زوجته في منزل أبيه، على الرغم من علاقته العاطفية مع صديقه عزت، التي أودت إلى شكوك كثيرة جعلت زوجته تهجر المنزل، وتعكّر صفو تلك العلاقة، مما أودى بعزت إلى الانتحار هرباً من تلك السعادة المزيفة.
المسلسل المصري “أفراح القبة”
وفي التلفزيون المصري تظهر المثلية الجنسية في مسلسل “أفراح القبة” حين شكل مشهد اكتشاف بدرية “سوسن بدر” شذوذ زوجها عبده “سيد رجب” صدمة كبيرة للجمهور، حيث تعود بدرية إلى المنزل بشكل مفاجئ لتجد زوجها في السرير مع شاب.
“لا تطفئ الشمس”
وعُرض هذا العمل في عام 2017، وقدم قصة الشذوذ الجنسي بطريقة صادمة من خلال قصة نادر “عمرو صالح” الذي بالرغم من ميوله الجنسية الشاذة يقرر الارتباط بـ آية “جميلة عوض” لإبعاد الشبهات عنه.
لكن مع الوقت تبدأ الشكوك تساور آية بسبب مشاعر وعلاقة زوجها مع صديقه، لتتأكد شكوكها في النهاية، وشكلت قصة نادر صدمة للجمهور حينها.
“عديل الروح”
وعلى الرغم من تفضيل الدراما التلفزيونية في مصر، الابتعاد بعض الشيء عن هذه المواضيع، تناولت الدراما الكويتية قصة فتاة مثلية الجنس، في مسلسل “عديل الروح”، عام 2005، وقدّمته الممثلة شجون الهاجري بجرأة كبيرة، في مجتمع محافظ هاجم العمل، وعدّه ترويجاً “للانحراف”.
المسلسل العربي “عشق النساء”
تناول هذا العمل المثلية الجنسية من خلال قصة نديم الفنان “جو صادر” الذي يصدم والدته غادة “ورد الخال” عندما يعترف لها بميولة الشاذة.
ومع أن العمل أظهر صدمة الأم غادة بهذه المعلومة وعدم تقبلها للأمر بسهولة، ومعاناة نديم مع هذا الأمر إلا أن القصة وصفت بالجريئة جداً وأثارت الكثير من الجدل.
المسلسل السوري “قلم حمرة”
وفي الدراما السورية ظهرت المثلية الجنسية في عدة مسلسلات منها: “قلم حمرة”، حيث قدم الفنان السوري الشاب مصطفى سعد الدين شخصية جريئة جداً فيه، وجسد دور نورس الشاب الذي يعاني بسبب ميوله الجنسية.
وتكشف الأحداث عن تبرؤ عائلة نورس منه، وصدمة أصدقائه بعد اكتشافهم حقيقة الأمر، وأثنى النقاد على الفنان الشاب مصطفى سعد الدين بسبب تقديمه هذه الشخصية المثيرة للجدل.
المسلسل السوري “سنعود بعد قليل”
أما في مسلسل “سنعود بعد قليل”، فلم يتم الكشف عن تفاصيل الشخصية المثلية بشكل واضح في هذا العمل، إلا أن المشاهد يكتشف أن مشاعر نادين “سينتيا كرم” لصديقتها ميرا “غيدا نوري” لم تكن عادية أبداً، وحاولت كرم إيصال الفكرة بطرق غير مباشرة للمشاهد.
المسلسل السوري “أشواك ناعمة”
وعرض مسلسل السوري “أشواك ناعمة”، عام 2006، قصة نضال “سلافة معمار”، وهي فتاةً تتشبّه بالرجال، وترغب في العبور الجنسي، وحين تقابل شاباً، تتحول فجأةً إلى فتاة رقيقة، وتعود لتتصرف كبقية زميلاتها.
موضوع شائك ومعقد
الناقدة الفنية “أمينة عباس” تحدثت لموقع “دارمو” حول تطرق الدراما العربية والسورية لموضوع المثلية الجنسية قائلةً: “هذا الموضوع الشائك والمعقدة الذي تتجاهله إلى حد ما الدراما العربية والسورية، وإن تطرقت إليه يكون بشكل عابر وخجول نظراً لما يثيره من حساسيات واعتراضات، خاصةً أن الغالبية الساحقة من مجتمعاتنا تحرص على التغاضي عن طرح مثل هذه المواضيع بشكل علني حفاظاً على براءة لا وجود لها في المجتمع.
وأردفت “عباس”: “غالباً ما تحاول الدراما السورية والعربية تحاشي بعض الخطوط الحمراء في المجتمع وهي وإن تجرأت وخاضت فيها بشكل سطحي تلجأ إلى التلميح وهذا ما تفعله غالباً حول هذا الموضوع دون أن تسمي الأمور بمسمياتها والدخول في حيثياتها”
وقالت “عباس”: “من الطبيعي أن تبتعد الدراما العربية عن مثل هذه الموضوعات التي مازالت ذات إشكالية حتى في بعض البلدان في الغرب التي مازال بعضها يتحفظ على طرحه خاصة وأن طرحه ما زال ضمن ما هو تجاري”.
وتابعت: “بالتأكيد هذا التناول غير صحي لأنه يحاول أن يعالج خطأ ما بارتكاب خطأ أكبر وهذا يحيلنا إلى ضعف الثقافة الاجتماعية عند عدد كبير من كتابنا”.
حرج الممثلين
وحول حرج الممثل من تجسيد دور المثلية الجنسية قالت “عباس”: “الممثل الحقيقي لا ينبغي له أن ينحرج من أداء أي دور، ومع هذا فإن معظم الفنانين يترددون كثيراً في قبول تجسيد مثل هذه الشخصيات خوفاً من رد فعل الجمهور والمجتمع الذي ما زال بعضه يحاسب الممثلين على طبيعة أدوارهم، وقسم منه لا يفصل بين الشخصية والفنان”.
وأردفت: “هناك حالة واحدة يحق للممثل فيها أن يرفض أداء هذا النوع من الشخصيات وهي أن يكون العمل الفني يروّج لهذا النوع من الشخصيات وسلوكها بدلاً من البحث عن المسببات التي أوجدتها”.
كوميديا
وعن تقديم شخصية المثلي الجنسي بطريقة كوميدية تحدثت “عباس”: “من الممكن تقديم هذا النوع من الشخصيات بشكل كوميدي على أن يكون ذلك خارج إطار السخرية، وطرح الموضوع بشكل كوميدي في الدراما العربية سببه أنها غير جاهزة بالأصل لمناقشته بشكل عميق”.
طرح الموضوع
وتابعت: “أنا مع طرح المواضيع الاجتماعية بشكل متوازن وحسب درجة أهميتها في المجتمع دون إغفال أي منها لأي سبب لأن تجاهل المشاكل الاجتماعية لا يحلها”.