فرح درويش – دارمو – دمشق: خلال السنوات الأخيرة بدأنا نلاحظ وجود هجوم واسع من قبل الجمهور السوري على الأعمال الجريئة التي تقدم على الشاشات، كما بدأنا نلمس انتقاد كبير للوجوه الشابة التي تظهر عبر تلك الأعمال.
ووسط زوبعة الانتقادات تلك، خرج الكثير من النجوم السوريين عن صمتهم وبدؤوا بإطلاق مناشدات كثيرة من أجل حصولهم على فرصة عمل في الأعمال التي تقدم كل عام بالموسم الدرامي.
وهذا جعل الكثير من الأسئلة تتراود إلى ذهننا، أولهم “من هو المتسبب في حالة الفوضى تلك؟”، و “ما هو سبب غياب الوجوه الدرامية القديرة عن الأعمال السورية؟”، و” لماذا لم يتقبل الجمهور الجرأة المطروحة في الأعمال ولم يتقبل أحيانا طريقة ظهور الوجوه الشابة أيضاً؟”.
وفي لقاء خاص لموقع “دارمو” الفني، أجابت الإعلامية السورية آمنة ملحم عن جميع تلك الاسئلة، قائلة: إن الدراما السورية مرت بفترة مخاض طويل وعسير أنهك صناعها خلال الأزمة السورية، وهذا ما جعل بوصلتها تتوه في كثير من الأوقات، فراحت شركات الإنتاج تبحث عن بصيص للضوء تلوذ به لضمان استمراريتها على الأرض مع هذه الدراما المرهقة، بعد أن كانت لسنوات طويلة تشع بحكاياها وجماهيريتها الواسعة، ما أدى للانسياق نحو متطلبات التسويق بحثا عن طوق للنجاة.
وأضافت: متطلبات التسويق في تلك الفترة تجلت بالاعتماد على ضرورة وجود أسماء لامعة من نجوم الدراما السورية “الاسم البياع”، مع اعتماد حكايا خارج سرب الحياة القاسية التي عاشها السوريون في الأزمة، والانصياع لتلك المتطلبات شكل قيدا كانت إحدى عواقبه ضياع فرص الحضور الدرامي لوجوه كثيرة كانت لأوقات طويلة تشكل أعمدة من أعمدة هذه الدراما.
وتابعت: الملام الأول هاهنا غياب وجود الإنعاش المتمثل بالسوق المحلية لهذه الدراما، ولا يمكن بمكان تحميل العبء لشخص مخرج أو منتج بقدر ما تحمله الظروف العامة التي طالت كل مناح الحياة.
تهميش النجوم
وأوضحت آمنة أن مناشدة الكثير من النجوم للحصول على فرص عمل والتأكيد على ظلمهم من قبل صناعها، لا ينطبق عليهم فقط، فلا يمكننا تغييب فكرة ظلم الكثير من الوجوه الشابة التي بدأت مشوارها الفني خلال أعوام الحرب فلم تجد من يمنحها النور، ولا من يأخذ بيدها في هذه الدوامة التي طالت الدراما ككل، ولكن مع الوقت لاسيما خلال السنوات القليلة الأخيرة بدأ عدد من الفنانين الشباب يتلمسون طريقهم عبر منافذ درامية أخرى كالدراما المعربة والمشتركة قبلها ما منحهم بعض الإنصاف في الظهور وتحقيق الحضور على الشاشات.
انتقادات واسعة
وأرجعت آمنة سبب الانتقادات الكثيرة التي تتعرض لها الدراما المشتركة والمعربة، إلى مواضيعها وأحداثها التي لم يألفها شريحة واسعة من الجمهور السوري والذي اعتاد على رؤية الأعمال الاجتماعية التي تجسد مواقف حياته، لافتة إلى أن جيل الشباب والمراهقين يبدي إعجابه الكبير بهذه الدراما، ومن المستحيل وجود عمل فني يرضي جميع الأذواق.
كما أشارت إلى أن شهرة الوجوه الجديدة في الأعمال المعربة والمشتركة، فهي لاتشكل ضمانة لهم تجاه العمل أو حتى الجمهور، لأن هذه الأعمال تقوم على “التريند” والذي يعد وقعه آني وسريع الزوال.
ونوهت إلى ضرورة عدم وقوع الفنانين الشباب بغرور الشهرة التي يصنعها “التريند”، وضرورة محافظتهم على توازنهم في إكمال الطريق على المسار التصاعدي الصحيح نحو النجومية الحقيقية والاستمرارية ينقذهم من آنية أصداء هذه الأعمال.
الجرأة المطروحة
وأما بشأن الجرأة المطروحة بالدراما السورية، أكدت آمنة أن الجمهور اختلف على مفهومها، بسبب تباين ثقافته، لافتة إلى أن الكثير من الفنانين لم يتقبلوها أيضاً.
وتابعت أن الجرأة في الشكل لاتزال هي الغالبة على الفكرة والطرح إلى وقتنا هذا، وذلك بسبب وجود رقابة قاسية تجاه الفكر، كما أن متطلبات التسويق أثرت بشكل بات واضح.
الدراما المعربة
وحول تأثير الدراما المعربة والمشتركة على وجود الدراما السورية، أعربت آمنة عن اطمئنانها على مستقبل الدراما السورية، موضحة أن الدراما المعربة لا تشكل خطر على مستقبلها بسبب اختلافها بالطرح والشكل وفئة الجمهور الذي يفضلها.
وشددت على أن الدراما السورية لها جمهورها الخاص الذي ينتظرها من موسم لآخر، ويتبعها بكل تفاصيلها ويكن لها الولاء الكبير فمن الصعب أن يتخلى عنها.
وأوضحت أن صناع الدراما المعربة يلعبون على وتر الوقت بشكل مدروس ومحسوب فهي بعيدة عما اعتاده الجمهور من موسم درامي رمضاني، كما أن نسبة الترويج العالية تزيد من فرص تلك الأعمال في المتابعة وخطف عين المشاهد في الوقت الضائع خلال أشهر السنة الطويلة.
وختمت آمنة: لطالما نادينا بضرورة خروج الدراما من عباءة الموسم الدرامي الرمضاني كي تلبي لهفة المشاهد لها وأذواقه المختلفة، وتزيد من فرص العمل والحضور للفنانين بمختلف شرائحهم الفنية والعمرية على مدار العام، إلى أن جاءت هذه الأنواع الدرامية وحجزت لنفسها موقعا على مدار العام لتبقى صنفا مختلفا عن دسامة الأعمال الدرامية الرمضانية التي تنتظر بترقب كبير من موسم لآخر.