رولا اللحام – دارمو – دمشق:
أطلت علينا الدراما السورية في رمضان المنصرم من خلال 16 مسلسلاً بين البيئة الشامية والمشكلات الاجتماعية وشبكات المافيا والصراعات الدموية والإثارة، وفي زحمة هذه الأعمال لاحظنا سيادة العنف كصورة طغت على المشاهد الدرامية.
وأبرز الأعمال التي تضمنت مشاهد عنف خلال الموسم الدرامي لرمضان 2024 ولاد بديعة ومال القبّان والعربجي 2 وكسر عضم (السراديب)، أما في الموسم الدرامي لرمضان 2023 شاهدنا العنف في مسلسلات الزند والعربجي .
وتجتمع الأسرة السورية كبيرها وصغيرها خلال شهر رمضان لمتابعة الأعمال الدرامية التي تُعرض على الشاشات، لتظهر أمامهم المشاهد المليئة بالعنف والدموية، فكيف تؤثر هذه المشاهد على الأطفال؟
رأي الطب
وتحدّث الأستاذ الدكتور خالد حميدي، دكتوراه بالطب النفسي السلوكي لموقع “دارمو” حول تأثير الدراما على الوضع النفسي للأطفال، قائلاً: شكلت الدراما بالحقبة الأخيرة نقطة انعطاف بارزة من ناحية التأثير على شرائح المجتمع كافة.
وبتنوع المواد الدرامية والسيناريوهات المتنوعة لاحظنا ظهور الكثير من المشاهد التي تحمل العنف الغير المبرر ومشاهد قتل أطفال أو أشخاص بحالات يرثى لهم من تبعية التعذيب النفسي والجسدي وظهور كل أنواع انعدام القيم الأخلاقية.
أمراض نفسية
وأردف “حميدي”: “نحن لا نمانع من تسليط الضوء على بعض القضايا التي يكون مآلها النهائي التوعية وخلق الحلول لمشاكل المخدرات أو الإجرام أو الجهل لكن بإجماع النقاد والمتخصصون زادت الأعمال المشبوهة الطين بلةً وخلقت شروخ نفسية تجاوزت مرحلة الحالات إلى مرحلة الأمراض النفسية لاسيما عند الأطفال وخاصة مشاهد العنف أو القتل أو التعذيب.
وقال “حميدي”: “أنا كطبيب نفسي وأكاديمي أجزم بأن الطفل كالمغناطيس يجذب بطريقه غير مباشرة كل مايشاهده ويسمعه وتتحول المشاهدات إلى سلوكيات وطباع، تحتاج لسنوات للتخفيف من آثارها السلبية.
وأضاف: “إن الأطفال والنشئ يعتبرون مسؤوليتنا جميعاً لكونهم يشكلون نواة المستقبل فلنتقاسم المهام لحمايتهم ولنقدم لهم مواد درامية تسمو للإرتقاء بالأفكار الخالدة من السلام الداخلي والأمان، لأن العنف يولد العنف وحالة من عدم الاندماج الاجتماعي وافتقاد الثقة بالنفس.
التأثير السلبي
ومن جهتها تحدثت الصحفية والناقدة الفنية “أمينة حسين عباس” لموقع “دارمو” حول هذا الموضوع قائلةً: “لا نأتي بجديد عندما نثير في كل موسم درامي تلفزيوني قضايا متعلقة بتأثير الدراما التلفزيونية على الأجيال الناشئة سلباً أو إيجاباً، وبما أن النواحي السلبية تترك أثراً مباشراً وقوياً على الشرائح الأكثر ضعفاً وقدرة على المحاكمة العقلية كان من الطبيعي أن يتم التقصي باستمرار عن التأثير السلبي لمشاهد العنف على الأطفال والناشئين”.
وأردفت: “هو أمر لا يمكن نكرانه بقدر ما يمكن الحد منه من خلال التنويه إلى ضرورة تجنيب الفئات الصغرى من المشاهدين متابعة هذه الأعمال أو بإشراف مباشر من الأهل الذين ينبغي عليهم بث التوعية في نفوس أبنائهم وشرح الأهداف العميقة من وراء تقديم هذا النوع من الدراما باتت لا تخلو من هذه المشاهد التي ترتبط بطبيعة الموضوعات المطروحة في عصرنا الحالي والتي يسودها العنف بكل أشكاله”.
دراما معقمة
وقالت” عباس”: “بالتالي من المستحيل تقديم دراما معقمة في يومنا هذا والحياة لم تعد كذلك، وحرصاً على تجنب أطفالنا من متابعتها يجب اعتماد التحذير من أن العمل هو +١٨ وهو أضعف الإيمان، مع الاعتراف أن العنف لا يقتصر على ما يشاهد في الأعمال التلفزيونية، بل يحيط بنا وبأطفالنا من كل الجوانب ويكفي ما تعرضوا له في فترة الحرب”.
وأضافت: “لكن الخطير في الأعمال التلفزيونية أنها تؤثر فينا من خلال قصصها لأنها تستخدم كل المؤثرات المغرية، وبالتالي لا نبالغ إن قلنا أن العنف في الأعمال التلفزيونية يقدم بقالب جميل يشد أطفالنا دون إدراك فحوى الرسالة فيها (إن وجدت) ومن هنا يأتي التأثير الكبير لها على عقول أطفالنا، والذي قد يترجم شيئاً فشئياً بالنسبة لهم عبر سلوكهم ومحاولة التقليد، للأسف أطفالنا اليوم ليسوا أسوياء نفسياً لأن العنف أصبح جزء من حياتهم والجميع يعززه”.
ورشة عمل
والجدير ذكره أن موقع دارمو تواصل مع “علي عنيز” رئيس لجنة صناعة السينما والتلفزيون في سوريا الذي أوضح بدوره وجود ورشة عمل من المقرر أن تعقد في منتصف الشهر القادم /أيار/مايو 2024، والتي ستتحدث عن الموسم الدرامي الرمضاني لهذا العام.
كما سيتم الحديث عن مشاهد العنف الكثيرة والمؤلمة في بعض المسلسلات، وموقف لجنة صناعة السينما للأثر السلبي الذي تولده هذه المشاهد خاصة على الأطفال، بالإضافة إلى خطط الغرفة المستقبلية لدعم صناعة الدراما السورية وإعادة ألقها.