المغترب – عباس درويش – سلمية
لا ينفصل واقع الأغنية العراقية عن حال الفن في المنطقة العربية عموماً، لكن النقاد يشيرون إلى تراث بلاد الرافدين بشيء من الخصوصية. ومن المفارقة اتفاق الكثيرين على اعتبار أغنية “البرتقالة” نقطة تحول، وحدّاً فاصلاً لانتقال الأغنية العراقية من عصر الطرب إلى عصر الخلاعة.
الأمر الذي أكده الفنان قاسم الرحال، مبدياً تفاؤله بمرور هذه الغيمة، وقال الرحال في لقاء مع “المغترب” “هذا الفن الهابط الذي نسمعه ونراه حالياً هو مرحلة مؤقتة زائلة، والفن الأصيل سيستعيد ألقه وحضوره”. وأضاف” نستمع اليوم إلى أغاني ناظم الغزالي وكأنه ما زال حياً بيننا دون أن يخطر ببالنا أنه توفي في العام 1963. أما فن (الملاهي) فهو نتاج مرحلة تلت حرب الخليج وما لحقها من انحدار اجتماعي لذلك لن يطول الزمن قبل أن يستعيد الطرب الأصيل حضوره”.
ويعتبر قاسم الرحال واحداً من فناني العراق في المهجر، وهو خريج معهد الدراسات النغمية ببغداد عام 1989 قسم المقام العراقي. غادر بلاده عام 1991 ويقيم حالياً في سوريا. قدم العديد من الحفلات في لبنان والأردن ومصر والإمارات العربية المتحدة وتونس وسوريا. غنى الرحال أغاني حديثة وتراثية لكنه أبدع في المقام العراقي وأصبح مرجعاً فيه.
وعن جيله الفني قال الرحال” أنا أنتمي إلى جيل الثمانينات يوم كان هناك أغنية حقيقة فقد كانت مقومات الإبداع موجودة آنذاك. ومع أنه رفض فكرة المقارنة مع المشاهير ونجوم الشاشات لِلَفت الانتباه إليه والانتقال من الظل إلى الضوء، فإن الفنان قاسم الرحال لم يخفِ فخره بكون المطرب كاظم الساهر من زملائه خلال عملهم في الإذاعة والتلفزيون بالعراق.
وفي سجل الرحال عشرات الأغاني من ألحان كاظم الساهر، منها أغنية” إهنا خليني”،إلى جانب تعامله مع كتّاب وملحنين من أمثال كاظم السعدي وسالم عبد الكريم وآخرين.
ورغم رفضه فكرة العمل في الملاهي أو كما تعرف بـ “المقاصف” بدافع الحاجة المادية، فإن الرحال تحفّظ على الهجوم على زملاء المهنة ممن خاضوا هذه التجربة، وقال” كل فنان يمثل نفسه وأنا من جهتي لم أعمل في ملهى طوال حياتي مع أن الفرصة كانت متاحة والمغريات المادية كبيرة، كما حصلتُ خلال مسيرتي على عدة عروض من شركات ومحطات لتصوير أغاني ” تجارية” لكنني لا أتخيل نفسي أغني وسط مجموعة من الفتيات الراقصات”.
وإن كان للجمهور السوري أن يتذكر الفنان قاسم الرحال من خلال مجموعة حفلات فإن حفلة دار الأوبرا مع فرقة “جسور” للموسيقى والغناء كانت من أجمل ما قدّم عام 2009، علماً أن معظم حفلات الرحال في سوريا كانت عبارة عن أمسيات عن المقام العراقي كالتي أحياها في حمص وحماه عام 2008.