بدأت مسيرتها الفنية عام 1992 من خلال المشاركة في فيلم “الليل”، ثم شاركت في مسلسل “الجوارح” عام 1995، لتتوالى بعدها أعمالها ما بين السينما والتلفزيون.
لمعت بأدوار الفانتازيا التاريخية والشامية لتترك بصمة كبيرة بشخصية “بوران” التي أدتها على مدار تسعة أجزاء من سلسلة باب الحارة.
وخلال مسيرتها الفنية الطويلة، قدمت ما يقارب مئة عمل لعل أبرزها “يوميات مدير عام”، “الخوالي”، “الزير سالم”، “حمام القيشاني”، “زمان الصمت”، “خالد بن الوليد”، “بيت جدي”، “الخبز الحرام” و”الدبور”.
موقع “بردى” التقى بالممثلة السورية أمية ملص وكان له الحوار التالي:
ما سر صمودك في “باب الحارة” للجزء التاسع على التوالي؟
“باب الحارة”، أصبح بصمة في شهر رمضان، وإذا نظرنا الى العمل ككل، فهو يعني لي الكثير وصراحة أنا ممتنة له لأنه أعطانا جماهيرية واسعة بكل أنحاء الوطن العربي، كما أن أسماء الشخصيات التصقت فينا وأصبح لها شعبية، بغض النظر عن انتقاداتنا للعمل، بالطبع لديّ ملاحظات على الدور والشخصية والمساحة والتفاصيل والمسار العام.
لكن يكفينا فخراً أن الدراما السورية ما زالت مستمرة في ظل هذه الظروف الصعبة، فهناك الكثيرين ممن يظنون أننا نصوّر “باب الحارة” في بيروت أو دبي لاعتقادهم أن بلدنا مدمرة، فأجيب إننا نصور في البيوت والحارات الدمشقية، والحمد لله أننا تمكنا من إعادة بناء حارة جديدة في منطقة الصبورة بريف دمشق، بعد تدمير القديمة التي كانت موجودة في طريق المطار.
بالعموم، لا نستطيع الاستغناء عن “باب الحارة” خلال شهر رمضان، فهو الوجبة الدرامية المناسبة.
في آخر جزء من العمل، كان زوجك يخونك عند الغجر.
“بوران” مثال للمرأة الصبورة الهادئة التي تتحمل كثيراً بصمت، وبالطبع تتألم لما يحدث لها لكنها تحاول أن تتفهم الأمور كي لا تخرّب منزلها وتخسر عائلتها. هذه الصفة جميلة جداً وإيجابية وربما نفتقدها في زمننا الحالي.
هل تغارين على شخصية “بوران”؟
أغار عليها حتى الآن ولا أحب أن تلعبها أي ممثلة أخرى، لكن مع الوقت لا أعلم ما الذي سيحدث.
ماذا عن تواجدك في الجزء الجديد من العمل؟
مشاركتي في الجزء العاشر تتوقف على حجم الدور ونوعه، وإن أعجبني فسأستمر بالظهور فيه بشخصية بوران”.
هل تشاركين بتقديم اقتراحات لتطوير شخصيتك؟
في الأجزاء الأولى كان هناك تعاون مع الكاتب مروان قاووق والمخرج بسام الملا لكن في الأجزاء الأخيرة لم يتواجد هذا التعاون.
منذ أن قرأت النص أحببتِ أن تلعبي شخصية ابنة عباس النوري، لماذا؟
أكنّ مشاعر الاحترام للفنان عباس النوري على الصعيد الإنساني والفنّي فهو أستاذ كبير، ومنذ بداية تصوير الجزء الأول خلقنا جوا من الألفة وشعرنا وكأننا عائلة واحدة. اني أنظر نظرة احترام لكل من الفنانين عباس النوري وصباح الجزائري.
ما رأيك بشخصية “أبو عصام”؟
هو رجل بكل ما تحمله الكلمة من معنى، يجمع ما بين الحنان والحزم عند الضرورة، والشخصية جميلة ومهمة في أي زمن.
ما ردّك على من ينتقد أعمال البيئة الشامية؟
استطعنا عبر أعمال البيئة الشامية أن ننقل أجواءها إلى الخارج، وأيضاً أن نُحبّب البلدان العربية الأخرى بلهجتنا الشامية وننشرها.
خلال رحلتي الأخيرة إلى تونس، صادفت أحد الأشخاص من متابعي هذه الاعمال، قال لي: “تقبري قلبي إن شاء الله”، الأمر الذي أسعدني فعلاً كون مصطلحاتنا باتت متداولة في البلدان الأخرى، كما كانت اللهجة المصرية متداولة في السابق.
كما سمعت أيضاً جملة “ابن عمي”، وما أضحكني أنهم في الخارج يعتقدون أن الفتاة الدمشقية لا تتمكن من الزواج إلا من ابن عمها.
ما سر قلة مشاركاتك في الأعمال الكوميدية؟
شاركت خلال السنوات الأخيرة في الجزء الثاني من “يوميات مدير عام” مع الأستاذ أيمن زيدان، وبرأيي نجاح الكوميديا يتوقف على النص، كما أنه ليس هناك شخصية كوميدية جاهزة، وإنما الكوميديا روح وموقف وعلى الممثل أن يحب الشخصية ويدرك تناقضاتها.
أول عمل سينمائياً لك مع ايمن زيدان هو “أحلام المدينة” وتلفزيونياً “الهارب” وبعدها تعددت الأعمال المشتركة بينكما؟
الأستاذ أيمن زيدان بنظري هو عراب الدراما السورية، فتح مجال كبير وأعطى فرص هامة للمواهب الجديدة كونه كان يدير شركة انتاج وحينها كانت انطلاقة باسم ياخور وأيمن رضا وكان يركز جدا على تقديم الدعم للمواهب الشابة، هو فنان حقيقي اجتهد وتعب على نفسه وهو يشعر بغيره ويقدم المساعدة دائماً وخاصة لمن يمتلك الرغبة برسم طريق لنفسها وتجتهد على عملها.
هل اجتماعكما كان بمحض الصدفة؟
صدفة جميلة وربما يكون اجتماعنا مقصود لكن دائماً اللقاء الأول يبقى مختلف ويترك بصمة مميزة ودائما عندما نذكر “يوميات مدير عام” لا نستطيع الا وان نضحك من قلبنا.
شاركت في العديد من الأعمال الفانتازية آخرها كان مسلسل “أوركيديا” هل تميلين إلى هذا النوع؟
سعدتُ كثيراً بهذه المشاركة بعد انقطاع كبير عن إنتاج أعمال من هذا النوع. هذه الأعمال لا يتم إنتاجها بشكل سنوي، ربما لان إنتاجها مكلف ويحتاج تنفيذها إلى ميزانية كبيرة خصوصا، وأرى أن السنوات الأخيرة التي عشناها أكبر كتاب تاريخ يمكن أن يُدرّس في الكرة الأرضية.
هل شعرت بأن “أوركيديا” استطاع أن يعيد ألق الأعمال الاعمال التاريخية السابقة خاصة وأنه تم تنفيذها بكاميرا حاتم علي مؤسس تلك الأعمال؟
“أوركيديا”، استطاع ان يعيد الألق للأعمال التاريخية، لأن الإخراج رائع والصورة جميلة جداً والإنتاج ضخم، وقد أعادنا للزمن الجميل، زمن الأعمال المهمة عندما كنا نبني ديكورات ضخمة خاصة بالعمل وأجمل ما فيه أننا تحدثنا باللهجة الفصحى بعد انقطاع.
وماذا عن إتقان الفصحى؟
السوريون أكثر أناس قادرين على تكلم الفصحى بطلاقة وحيادية بعيدا عن لهجة البلد أو المنطقة.
تتكلمين اللغة الروسية بطلاقة أيضاً؟
كنت أتكلم اللغة الروسية بطلاقة في طفولتي لكنّي الآن لا أجيدها كثيراً لأنني لم أتكلّمها باستمرار. فقد أمضيت طفولتي في روسيا، ومكثت حوالي 6 سنوات أثناء دراسة والدي هناك، أي في الفترة الذهبية من حياة الطفل، والطفل الروسي في تلك المرحلة كان مدللا جداً، “وأنا تدلّلت بالمعية”.
سبق ولعبتي دور جريء في مسلسل “ولادة من الخاصرة” ماذا عن مفهوم الجرأة بالنسبة لك؟
كانت الجرأة ضمن الحدود الطبيعية، لم يخدش حياء المشاهد العربي.
لعبت دور امرأة لعوب مغرية حوّلت منزلها لمكان للعب القمار، وتعمل دائماً على خدع الرجال الذين يتوافدون إلى منزلها طمعاً في أموالهم؟
الدور مختلف جداً عن شخصيتي الحقيقية، كما أنه يتميز عن كل الأدوار التي اعتدت تجسيدها في الدراما السورية، وما حفزني على المشاركة فيه جودة النص والعمل الممتع مع المخرجة رشا شربتجي فضلاً عن أنني أحببت خوض التجربة الأدوار الجريئة”
ألم تخشين من نظرة الجمهور السلبية؟
لا أخاف من نظرة الجمهور السلبية لي في حال قدمت أدوارً جريئة، وأرى بأن الفنان المهم يجب أن يجسد كل الأدوار طبعاً دون المبالغة.
باعتبار أن والدك مخرج معروف، هل كان لديك ميول لتعلّم مهنة الإخراج؟
لا، لأن تعب والدي بهذه المهنة جعلني أغض النظر عن تعلّمها مدى الحياة، وقد حاولت منذ البداية أن أرسم خطي في مجال التمثيل.
هل حاولتِ استغلال اسمك والدك في الوسط الفني؟
الاستغلال أبعد ما يكون عن عائلتنا، فنحن تشرّبنا الفن بأرواحنا وأحببناه من قلبنا، وبنظري ان الفن رسالة أكثر من كونه مهنة أو وسيلة للحصول على فائدة مادية.
هل ترين بأن العاملين ضمن الوسط الفني يقفون الى جانب بعضهم البعض؟
لا أعتقد ذلك، فالأعمال السورية باتت محاربة من قبل المحطات العربية “لا عم تنباع ولا عم تتسوق” والموضوع بحاجة لإعادة نظر. ولطالما سمعنا في الوسط الإعلامي أن الدراما السورية ليست بخير، حتى قبل بداية الأزمة، ولا بد من وضع قوانين صحيحة، إضافة إلى وجود رقابة عليها، والوضع أصبح أسوأ خلال سنوات الحرب.
من الأساس كانت هناك مشكلة في موضوع التسويق وهناك من يتحكم في المزاج العام ضمن السوق، أما خلال السنوات الأخيرة فيمكن ان نضيف عليها موضوع المحاربة وهذا الموضوع بحاجة الى حل سريع.
ولماذا لا تسيرين مع السرب؟
لا أسير مع السرب ولا مع مزاج شركات الإنتاج، وأفصل بين علاقاتي الشخصية وعملي، وهذا الموضوع له ايجابياته وسلبياته. أنا إنسانة محافظة على خصوصيتي وأحاول ألاّ أشبه أحد وألاّ أقوم بفعل أي شيء غير مقتنعة به حتى على مستوى علاقاتي المهنية، وعندما أعمل مع أحد أكون قد أحببت العمل وبالطبع، أحترم الشخص الذي عرض عليّ العمل، وأحترم الشركة المنتجة، وليست غايتنا البحث على خلاص فردي ومصلحة شخصية.
لكن مصطلح “الشللية”، لم يعد مغيّبا عنا، والعلاقات الشخصية تُكثّف فرص المشاركة في أعمال درامية، وبالطبع العلاقات الشخصية تؤثر على العمل ولكل شيء ثمنه ودائماً للموقف والقناعات ضريبة.
وحقيقة أرى بأن الشللية ستؤدي إلى نهاية الدراما السورية (نهاية مأساوية)، إذا بقي الوضع على ما هو عليه الان.
هل ترين بأن أجور الفنان مناسبة لجهده؟
الأجور غير مناسبة لجهد الفنان ولمسيرته الفنية، والفنان السوري مظلوم بشكل كبير، ومع الأسف هناك قلة من الفنانين السوريين يتقاضون المبالغ الكبيرة وباقي فتات العمل يوزع على الكاست الذي يعمل ليل نهار، فقط من أجل تأمين مستلزمات الحياة التي غدت صعبة جداً في هذه الأيام العصيبة، إضافة إلى غلاء الأسعار الذي لا يرحم.
أتعتبرين أنك أضعت فرص مهمة بسبب قناعاتك؟
نعم طبعاً.
ألا تندمين على ذلك؟
لا أبداً، فهذا خياري وقراري، صحيح أن ثمنه غالي، لكن على الأقل أستطيع المحافظة على نفسي. حقيقة أنتقد نفسي دائماً، ودائماً أقول بأنه عليّ العمل على ذاتي فهناك بعض الأمور عليّ القيام بها وهي ليست على حساب قناعاتي، رغم أنني مقصّرة في علاقاتي المهنية وأرى بأنه من غير الضروري أن أتقوقع على نفسي داخل منزلي.
من الواضح أنك شخص خجول؟
القصة ليست خجل وإنما عزة نفس زائدة عن حدها.
إذاً أنت شخص مزاجي؟
نعم قليلاً، يبدو أن الفنان دائماً يتمتع ببعض المزاجية فهو يمتلك شفافية وحساسية عالية وتقبّله للأمور يختلف عن الإنسان العادي، وهو شخص غير عملي، وأنا بطبيعتي شخص عاطفي والمهنة تكرّس وتعزز هذا الأمر.
هذا الأمر متعب على الصعيد الشخصي؟
نعم، ولهذا السبب حاولت الفصل بين التمثيل كفن وكمهنة، أحبه فقط كفن ويبدو أنه لم يناسبني كمهنة فهي بحاجة لأدوات أخرى.
وما وضع المال في حياتك؟
لديّ قناعة كبيرة بهذا الموضوع وأشكر ربي دائماً على ما أملك، وراضية بما يقدمه الله لي، والطموح للأفضل موجود.
وأرى أن هناك أمرين قدريين لا نستطيع التحكم بهما، وهما العمر والرزق.
بعد كل هذه السنوات، هل ترين بأنك تحصلين على حقك المادي؟
نسبيا، ومقارنة بالمبالغ التي يتقاضاها الغير لا أحصل على حقي المادي، فالممثلون الموجودون داخل سوريا يتقاضون مبالغ مالية مختلفة جداً عن المقيمين خارج البلد، ولربما مقارنة بظروف البلد وفرق العملة، لكن القناعة مريحة جداً.