هاني هاشم – دارمو – دمشق
مع تطور الفن الإذاعي عبر العقود الفائتة احتلت التمثيلية الإذاعية أو الدراما الإذاعية أولى مراتب الأهمية كعمل فني متكامل وملتزم، وصارت من أقرب الأعمال الإذاعية إلى قلب المستمع، وذهنه لأنها تدعوه لأن يعيش صورة من واقعه هو بالذات.
بدايات التمثيلية الإذاعية كانت في نهايات العام 1921 حيث نقلت الإذاعة البريطانية المسرحيات مباشرةً، وبعد ذلك أضافوا إلى النقل مذيعاً، يشرح للجمهور ما يشهده على خشبة المسرح، وفي عام 1924 أذيعت أول تمثيلية إذاعية في العالم من إذاعة لندن، وكانت بعنوان “خطر”،
عربياً بدأت التمثيلية الإذاعية في إذاعة القاهرة عام 1937، وفي سوريا جاءت مع انطلاق بث إذاعة “دمشق”، منذ ستة عقود، وبقيت محافظةً على حضورها متحديةً كل الظروف، من التطور التكنولوجي الهائل إلى سنوات الحرب القاسية.
= الدراما الإذاعية فن ممتع.. والسبب
وحول الدراما الإذاعية السورية وشجونها تحدث رئيس دائرة التمثيليات الإذاعية في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون “باسل يوسف” لموقع “دارمو” وأكد أن الدراما الإذاعية فن ممتع يتيح للمستمع الاستمتاع بالتخيل ورسم صورة تخيلية جميلة متحررة من قيود التنميط والامكانيات الإنتاجية التي تقدمها الشاشة، وبالتالي هذه ميزة تنفرد بها ليبنى عليها صورة غير نمطية وغير متوقع
وفيما بخص نقاط قوة الدراما الإذاعية قال “يوسف”: ما يميزها هو سرعة التنفيذ وأنها سهلة التناول، أي أننا نستطيع مواكبة أي حدث والحديث عنه بسرعة خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً، فمجرد أن تولد الفكرة يقدمها الكاتب من خلال نص درامي وحوار شيق موزّع على شخصيات يؤديها ممثلين بارعين بنقل الإحساس والصورة عبر الصوت، وما إن يصل النص إلى المخرج ينسج من خلال موسيقا ومؤثرات لوحة إبداعية وبزمن قياسي، أي اننا نستطيع تقديم تمثيلية إذاعية خلال ثلاثة أيام مثلاً.
وحول حجم الإنتاج قال “يوسف”: مازالت دائرة الدراما الإذاعية تقدم برنامجاً درامياً اذاعياً يومياً مدته 45 دقيقة، يُبث على أثير إذاعة دمشق
كما أننا حريصون على إنتاج مسلسل على الاقل شهرياً، بالإضافة إلى زوايا يومية مدتها 5 دقائق، وتغطي الدائرة كل المناسبات الاجتماعية والوطنية والدينية من خلال أعمال خاصة بها.
وتابع: جمهور الدراما الإذاعية واسع ومتنوع ومن كافة الشرائح، ونتوجه للشباب والأسرة عموماً
وبطبيعتها المادة الدرامية تخاطب المجتمع بكل مكوناته.
وحول الصعوبات أكد رئيس دائرة التمثيليات أنه ليس هناك من صعوبات في تنفيذ الأعمال الدرامية الإذاعية، فهي مازالت تحافظ على تنوعها من حيث المواضيع ومن حيث الفنانين المشاركين، وتزدهر مع انتشار وقوة الحامل الأساسي لها وهو الإذاعة، وبشكل عام إن لم تكن الإذاعة مسموعة فالدراما الإذاعية في خطر، إذ أنها لم تنتقل بعد الى السوشل ميديا.
= الإنتاج متوفر.. والأجور المشكلة
وفيما يخص الأجور قال “يوسف”: الإمكانيات متوفرة للاستمرار بالإنتاج إلا أن العاملين في قطاع الدراما الإذاعية يأملون بزيادة التعرفة الخاصة بهم إذ أنها حالياً لاتتناسب مع الجهد المبذول.
وتابع: الدراما الإذاعية أتت بعد المسرح والسينما وقبل التلفزيون، و لانستطيع القول أن لها فضل عليهم لكن الممثل الذي يعمل في الدراما الإذاعية لديه مواصفات خاصة تجعله يمتلك أدوات يبدع من خلالها في المسرح والتلفزيون وبالتالي يمكن أن يكون لها فضل في صقل موهبته ليتميز أمام الكاميرا.
= الدراما الإذاعية صناعة رابحة
وقال “يوسف”: الدراما الإذاعية ليست تحصيل حاصل بل هي فن قائم بحد ذاته وإن تراجع دورها في الحاضر فيعزى السبب لتراجع دور الإذاعات ومنافسة مواقع التواصل الاجتماعي عموماً، وإن سمحت الظروف والإمكانيات فهناك عدة أفكار ومشاريع لإعادة طرحها بشكل أوسع أمام محبيها المهتمين بتتبعها.
وفيما يتعلق بالنهوض بالدراما الإذاعية قال “يوسف”: الدراما عموماً تلفزيونياً وإذاعياً وللنهوض بها يحتاج إلى إمكانيات إنتاجية وأفكار متجددة وتبنّي لأنها صناعة رابحة وتساهم في تشكيل الرأي العام، وسلاح قوي في وجه الجهل والتخلف.
= الدراما الإذاعية أرشيف يهدده الذكاء الاصطناعي
ولدى سؤاله حول خشيته على الدراما الإذاعية أجاب “يوسف”: ربما أخشى من الذكاء الاصطناعي لكن لا أحد يستطيع إنكار وجودها، وطيلة 73 عاماً لدينا أرشيف غني يحمل كل أفكار وأحاسيس وأصوات فنانين كبار كانو لنا قدوة وكنا لهم مستقبل يفخر بما قدموه.
بدوره عبّر المخرج والممثل مازن لطفي لموقع “دارمو” عن حبه للدراما الإذاعية، مؤكداً أنها تتميز عن كافة قطاعات الدراما الأخرى من حيث النصوص والإخراج، ولكن حالياً وللأسف تدنى مستواها بسبب قلة النصوص ورحيل الكتّاب وتدني الأجور للفنانين والفنيين ورحيلهم أيضاً، ورغم ذلك هناك فنانين ما زالوا يحضرون لأداء التمثيليات حباً بالمهنة ووفاءاً لها، لكن بالمقابل خسرت الإذاعة أصوات لفنانين كبار بسبب قلة الأجور.
وحول آلية العمل قال “لطفي”: نطرح العديد من المواضيع في الدراما الإذاعية على الصعيد الاجتماعي والدرامي والكوميدي والتراجيدي والبوليسي وغيرها، ولا نزال محافظين على المستمع لا سيما أن دائرة التمثيليات مشكورة تذيع أعمال قديمة لا زالت محفورة في الذاكرة للإبقاء على مستمعي الدراما الإذاعية.
وتابع: جمهور الدراما الإذاعية هم كبار السن إلى حد ما، وهم ميالون للمواصيع المنوعة والفنانين والمخرجين القدامى، وهناك شريحة تنتظر وتترقب دائماً هذه الأعمال، وبالعموم الإذاعة هي بيتنا الثاني ومستمرين بالعمل لكي لا تتوقف حركة الدراما التي نحب.