الدراما التركية المعرّبة.. استنساخ لقصصٍ خيالية وشخصيات معقّدة

 

مارلين علي – دمشق: مخاوفٌ وتساؤلات كثيرة أثيرت مؤخراً، حول تأثير الدراما التركية المعرّبة على المجتمعات العربية، وخطورة إنتاج الدراما المعربة على الدراما العربية.

ويعدّ انتشار الدراما التركية المعرّبة ظاهرة “ثقافية تجارية” تستهدف جمهوراً واسعاً في العالم العربي، على اعتبار أنها تقدم قصصاً مشوّقة وإنتاجاً عالي الجودة.

قصصٌ خيالية وشخصيات معقّدة، تضمنتها المسلسلات المعربة التي ازداد إنتاجها مؤخراً، واستطاعت جذب الجمهور وجعلته يشعر بالانتماء إلى القصة.

خطوة أكثر تطرفاً:

يعتقد الغالبية أن الدراما المقتبسة والدراما المعرّبة نوع درامي واحد، لكن فكرة الاقتباس القائمة على إبقاء الحبكة الدرامية مع إمكانية التغيير، مختلفة تماماً عن فكرة التعريب.

ويؤكد الناقد الفني السوري سامر الشغري، في حديث خاص لـ “دارمو” أنه من الضروري أن نميز بين الدراما المقتبسة والدراما المعربة، فالاقتباس هو أن يتم أخذ الحبكة الدرامية مع إمكانية التغيير بما يتواءم مع المجتمع، وهذا مقبول إلى حد معين، ولكن في الوقت الحالي لم يعد هناك ما يسمى اقتباس بمعنى أخذ قصة وبناء قصة أخرى تتمحور حولها تقريباً، بل اتجهنا نحو التعريب أي يتم تغيير اسم الأشخاص فقط، مع بقاء الحكاية “الحتوتة” دون أي تغيير، معتبراً أن الدراما المعربة خطوة أكثر تطرفاً بنقل الدراما الأجنبية إلى المجتمع العربي.

ليست موضة:

وتثير مسألة انتشار المسلسلات التركية المعربة وسط تحقيقها لنسبة مشاهدة عالية، جدلاً حول استمرارية إنتاجها أو زوالها تدريجياً بالنظر إليها كـ “موضة”.

ويرى الناقد أن الدراما المعرّبة ليست “موضة” يمكن أن تنتهي، فهذا التوجه تعمل عليه شركات إنتاج ضخمة لديها رغبة شديدة في نقل تلك المجتمعات إلى المجتمع العربي بكل تفاصيله سواء كان ما تقدمه يتناسب مع المجتمعات العربية أو لا يتناسب.

ويضيف: لا نعلم إلى أين سيؤدي هذا التوجه لاحقاً، من المؤكد أنه سيتبعه أمر آخر ضمن هذا الإطار، فقد انتقلنا من الدراما المدبلجة إلى الدراما المعربة، وهذا يعد خطاً وليس موضة أو موجة.

صارت مشروعاً:

يتجه اهتمام شركات الإنتاج العربية، نحو تقديم نسخ تركية معربة، لتحقيق أهداف وغايات ربحية.

وبحسب الشغري، فإن شركات الإنتاج تخطو نحو التعريب ضمن مشروع للوصول لشيء ما تريده وهو زيادة أرباحها، وزيادة الجمهور عبر القنوات الناقلة للعمل.

ويتابع: الدراما المعربة مهمة لبعض صناع الدراما على اعتبار أنها صارت مشروعهم التجاري، وللأسف الفنانين العرب يعملون معهم.

استلاب:

“نفس القصة والأزياء والإخراج ومكان التصوير”، لتقديم واقع تركي بوجوه ولغة عربية، وهو ما يمكن أن نسميه “الاستنساخ” البعيد عن الهوية العربية.

فيما يرى الناقد أن هذه الدراما قائمة على استيراد نص أجنبي، وتتجه نحو الاستلاب، بإحضار قصة و”حتوتة” لا تعكس المجتمع العربي بسلبياته وإيجابياته.

في المقلب الآخر، البعض الآخر من صناع الدراما ينتجون أعمالاً تحاكي المجتمع السوري يعملون بجهد على النص واختيار الممثلين، ويجب تقديم الدعم لهم، وفق “الشغري”.

أرباح طائلة:

ويلجأ صنّاع الدراما إلى الاستثمار في الدراما المعربة، كونها تحقق أرباحاً عالية ، وهو ما لفت إليه “الشغري” قائلاً: إن أرباحها طائلة جداً للمنتجين والممثلين والقنوات أو المنصات العارضة لها بغضّ النظر عن قيمة العمل.

التأثير على المشاهد:

وعلى ما يبدو أن الدراما المدبلجة لم تعد تجذب المتلقي العربي كما فعلت سابقاً، فصارت الدراما المعربة بديلاً لاستعادة جذبه.

وهنا يتساءل الناقد لماذا لم يتم الاكتفاء بالدوبلاج، ولماذا ذهب بعض صناع الدراما نحو التعريب، ويجيب الناقد على تساؤله: لأنهم يريدون التأثير والوصول إلى مجتمعنا بشكل أكبر، فالمشاهد يتعامل مع الدوبلاج على أنه دراما أجنبية، لكن عندما تأتي بنجوم عرب سيعتقد المشاهد أنه عمل عربي وللأسف.

لا يوجد أزمة نص:

وبالتزامن مع ازدياد إنتاج الدراما المعربة يكثر الحديث حول أزمة نص وعدم وجود كتّاب قادرين على نقل صورة الواقع العربي.

في حين يستبعد الناقد الحديث حول أزمة نص وعدم وجود كتّاب قادرين على نقل صورة الواقع، لافتاً إلى أنه يوجد لدينا كتّاب قادرين على تحويل الروايات والقصص إلى مسلسلات، وكذلك لدينا كتّاب شفافين يعيشون ما يعيشه غالبية السوريين وقادرين على صياغة نص يحاكي الواقع.

خيارٌ فني:

ورغم انتقاد “الشغري” لهذا النوع من الأعمال إلا أنه يعتبر أن الدراما المعربة “خيار فني”، ومن حق أي أحد أن يختاره، لكن بنفس الوقت يؤكد الناقد عدم السماح لأن تكون هذه الأعمال بديلاً عن الأعمال الوطنية التي تعكس صورة المجتمع، وأن يكون وجودها شكل من التنوع، فالأصيل بالنهاية هو المتابَع، والجمهور هو الحكم، حسب تعبيره.

يشار إلى أن المسلسلات المعرّبة تتصدر الـ “تريند” عند العرض، وما أن ينتهي عمل حتى يتم الإعلان عن عمل آخر وعمل قيد الإنجاز.

وفي عام 2019 طُرح أول مسلسل تركي معرّب، وبذلك بدأت رحلة تعريب الدراما، وتوالى بعده إنتاج الأعمال المعرّبة بكثرة.

          

منشورات مشابهة

دارمو تكشف تفاصيل عرض مسرحية “ألف تيتة وتيتة” في موسم الرياض

بالصور.. “دارمو” يكشف تفاصيل مسلسل “ثمن الخيانة”

هالة صديقي تكشف لـ”دارمو” عن جديدها الفني في “موسم الرياض”